سورة التوبة - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (التوبة)


        


قوله عز وجل {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ} فيه وجهان:
أحدهما: أن المساكن الطيبة قصور من اللؤلؤ والياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر مبنية بهذه الجواهر.
الثاني: أنها المساكن التي يطيب العيش فيها، وهو محتمل.
وأما جنات عدن فيها خمسة أوجه:
أحدها: أنها جنات خلود وإقامة، ومنه سمي المعدن لإقامة جوهره فيه، ومنه قول الأعشى:
فإن تستضيفوا إلى حِلمِه *** تضافوا إلى راجح قد عدَن
يعني ثابت الحلم. وهذا مروي عن ابن عباس.
والثاني: أن جنات عدن هي جنات كروم وأعناب بالسريانية، وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً.
والثالث: أن عدن اسم لبطنان الجنة اي وسطها، قاله عبد الله بن مسعود. والرابع: أن عدن اسم قصر في الجنة، قاله عبد الله بن عمرو بن العاص والحسن.
والخامس: أن جنة عدن في السماء العليا لا يدخلها إلا نبيّ أو صديق أو شهيد أو إمام عدل.
وجنة المأوى في السماء الدنيا تأوي إليها أرواح المؤمنين رواه معاذ بن جبل مرفوعاً.


قوله عز وجل {يَآ أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ} أما جهاد الكفار فبالسيف وأما جهاد المنافقين ففيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: جهادهم بيده، فإن لم يستطع فبلسانه وقلبه، فإن لم يستطع فليكفهر في وجوههم، قاله ابن مسعود.
والثاني: جهادهم باللسان، وجهاد الكفار بالسيف، قاله ابن عباس.
والثالث: أن جهاد الكفار بالسيف، وجهاد المنافقين بإقامة الحدود عليهم، قاله الحسن وقتادة. وكانوا أكثر من يصيب الحدود.
{وَاغْلُظْ عَلَيْهِمُ} يحتمل وجهين:
أحدهما: تعجيل الانتقام منهم.
والثاني: ألا يصدق لهم قولاً، ولا يبر لهم قسماً.
قوله عز وجل {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُواْ} فيهم ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه الجلاس بن سويد بن الصامت، قال: إن كان ما جاء به محمد حقاً فنحن شر من الحمير، ثم حلف أنه ما قال، وهذا قول عروة ومجاهد وابن إسحاق.
والثاني: أنه عبد الله بن أبي بن سلول. قال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، قاله قتادة.
والثالث: أنهم جماعة من المنافقين قالوا ذلك، قاله الحسن.
{وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ} يعني ما أنكروه مما قدمنا ذكره تحقيقاً لتكذيبهم فيما أنكروه وقيل بل هو قولهم إن محمداً ليس بنبي.
{وَكَفَرُواْ بَعْدَ إسلامهم} يحتمل وجهين:
أحدهما: كفروا بقلوبهم بعد أن آمنوا بأفواههم.
والثاني: جرى عليهم حكم الكفر بعد أن جرى عليهم حكم الإيمان.
{وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُواْ} فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن المنافقين هموا بقتل الذي أنكر عليهم، قاله مجاهد.
والثاني: أنهم هموا بما قالوه {لَئِن رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينةِ ليُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنهَا الأَذَلَّ} وهذا قول قتادة.
والثالث: أنهم هموا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا مروي عن مجاهد أيضاً وقيل إنه كان ذلك في غزوة تبوك.


قوله عز وجل {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ ءَاتَانَا مِن فَضْلِهِ} الآية والتي بعدها نزلت في ثعلبة ابن حاطب الأنصاري. وفي سبب نزولها قولان:
أحدهما: أنه كان له مال بالشام خاف هلاكه فنذر أن يتصدق منه، فلما قدم عليه بخل به، قاله الكلبي.
والثاني: أن مولى لعمر قتل رجلاً لثعلبة فوعد إن أوصل الله الدية إليه أخرج حق الله تعالى منها، فلما وصلت إليه بخل بحق الله تعالى أن يخرجه، قاله مقاتل.
وقيل إن ثعلبه لما بلغه ما نزل فيه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله أن يقبل منه صدقته فقال: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَنَعَنِي أَن أَقْبَلَ مِنكَ صَدَقَتَكَ» فجعل يحثي على رأسه التراب. وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقبل منه شيئاً.

9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16